فصل: 127- باب آداب النَّوم والاضطجاع والقعود والمجلس والجليس والرؤية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.120- باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعًا:

قَدْ سَبَقَ في بَابِ فَضْل الجُوعِ وَخشُونَةِ العَيْشِ جُمَلٌ تَتَعَلَّقُ بهذا الباب.
منها حديث أبي هريرة: رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم من رجل عليه رداء، إِما إِزار، وإِما كساء، قد ربطوا في أعناقهم، منها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين.
ومنها حديث عائشة: كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم حشوه ليف.
وحديث أبي أمامة مرفوعًا: «البذاذة من الإيمان»، وهي رثاثة الهيئة، وترك فاخر اللباس.
802- وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَرَكَ اللِّبَاس تَوَاضُعًا للهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، دَعَاهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى رُؤوسِ الخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
في هذا الحديث: فضيلة من ترك الفاخر من اللباس تواضعًا وثوابه؛ لأنَّ من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ومن تواضع لله رفعه في الدنيا والآخرة.

.121- باب استحباب التوسط في اللباس، وَلا يقتصر عَلَى مَا يزري بِهِ لغير حاجة وَلا مقصود شرعي:

803- عن عمرو بن شعيب عن أبيهِ عن جَدِّهِ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
التوسط في اللباس ممدوح، لأن الرفيع شهرة، والداني دناءة، والأعمال بالمقاصد. فإن لبس النفيس تحدثًا بنعمة الله، والداني للتواضع، فهو مأجور، وإن لبس النفيس تكبرًا وفخرًا، والدنيء رياءً فهو مأزور، ويروى عن الشاذلي أنه قال لفقير- كان لابس ثوب مرقع أنكر عليه لبس نفيس الثياب: يا هذا، ثيابي تقول للناس: الحمد لله، وثيابك تقول لهم: أعطوني من مالكم.

.122- باب تحريم لباس الحرير عَلَى الرجال، وتحريم جلوسهم عَلَيْهِ واستنادهم إِلَيْهِ، وجواز لبسه للنساء:

804- عن عمر بن الخَطَّابِ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ؛ فَإنَّ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: تحريم لبس الحرير على الرجال، وفيه الوعيد الشديد على من لبسه.
805- وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لا خَلاَقَ لَهُ». متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية للبخاري: «مَنْ لا خَلاَقَ لَهُ في الآخِرَةِ».
قَوْله: «مَنْ لا خَلاقَ لَهُ» أيْ: لا نَصِيبَ لَهُ.
806- وعن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: الوعيد الشديد على من لبس الحرير.
807- وعن علي رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أخَذَ حَريرًا، فَجَعَلَهُ في يَمِينهِ، وَذَهَبًا فَجَعَلَهُ في شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ هذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أُمّتي». رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ.
808- وعن أَبي موسى الأشْعَري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِير وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لإنَاثِهِمْ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
في هذين الحديثين: جواز لبس الحرير والذهب للنساء.
809- وعن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال: نَهَانَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ نَشْرَبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وأنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وعَنْ لُبْس الحَريرِ وَالدِّيبَاج، وأنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ. رواه البخاري.
خص الأكل والشرب بالذكر، لأنهما أغلب أنواع الاستعمال، وإلا فسائر استعمال الذهب والفضة حرام.
وفيه: تحريم الجلوس على الحرير، وهو قول الجمهور.

.123- باب جواز لبس الحرير لمن بِهِ حكة:

810- عن أنسٍ رضي الله عنه قال: رَخَّصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ وعَبْدِ الرَّحْمن ابن عَوْفٍ رضي الله عنهما في لُبْس الحَريرِ لِحَكَّةٍ بِهِما. متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: جواز لبس الحرير للضرورة.

.124- باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عَلَيْهَا:

811- عن معاوية رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَرْكَبُوا الخَزَّ وَلا النِّمَارَ». حديث حسن، رواه أَبُو داود وغيره بإسناد حسن.
الخز نوعان: فنوع معمولٌ من الحرير، وهو حرام. وأما المعمول من الصوف فيحمل النهي فيه على التنزيه لأجل التشبه بالعجم.
812- وعن أَبي المليح عن أبيه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ. رواه أَبُو داود والترمذيُّ والنسائيُّ بأسانِيد صِحَاحٍ.
وفي رواية للترمذي: نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أنْ تُفْتَرَشَ.
فيه: النهي عن استعمال جلود السباع لما فيها من الخيلاء.

.125- باب مَا يقول إِذَا لبس ثوبًا جديدًا أَوْ نعلًا أَوْ نحوه:

813- عن أَبي سعيد الخدْريِّ رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوبًا سَمَّاهُ باسْمِهِ- عِمَامَةً أَوْ قَميصًا أَوْ رِدَاءً- يقولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أسْأَلكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
في هذا الحديث: استحباب الدعاء عند اللباس وحمد الله تعالى.

.126- باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس:

هَذَا الباب قَدْ تقدم مقصوده وذكرنا الأحاديث الصحيحة فِيهِ.
تقدم ذلك في باب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم، ومن ذلك أن يدخل يده اليمنى في كمها قبل إدخال اليسرى، ويدخل رجله اليمنى في كل من الخف والنعل والسراويل قبل إدخال اليسرى.

.كتَاب آداب النَّوم:

.127- باب آداب النَّوم والاضطجاع والقعود والمجلس والجليس والرؤية:

814- عن البَراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نفسي إلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وَألْجَأتُ ظَهْرِي إلَيْك، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأ وَلا مَنْجا مِنْكَ إِلا إلَيكَ، آمَنْتُ بكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ». رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه.
815- وعنه قَالَ: قَالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأ وُضُوءَكَ لِلْصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَن، وَقُلْ...» وذَكَرَ نَحْوَهُ، وفيه: «وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: استحباب الوضوء عند النوم، واستحباب هذا الدعاء، لأنه إن مات مات على الفطرة، وإن أصبح أصاب خيرًا.
816- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً، فَإذا طَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن حَتَّى يَجيءَ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
فيه: استحباب الضجعة بعد سنة الفجر لمن كان تهجد بالليل، ليقوم إلى الفرض بنشاط.
817- وعن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا» وَإِذَا اسْتَيْقَظ قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُشُورُ». رواه البخاري.
قيل: إنما كان صلى الله عليه وسلم يختار الأيمن لأنه كان يحب التيمن في شأنه كله، ولأنه يكون أخف للنوم، ولأن النوم أخو الموت، قال الله تعالى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر: 42].
818- وعن يَعيشَ بن طِخْفَةَ الغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبي: بينما أَنَا مُضْطَجِعٌ في الْمَسْجِدِ عَلَى بَطْنِي إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي برجلِهِ، فَقَالَ: «إنَّ هذِهِ ضجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ». قَالَ: فَنظَرْتُ فَإذَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
في هذا الحديث: كراهية الاضطجاع على البطن.
819- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ الله فِيهِ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضجَعًا لا يَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى فِيهِ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن.
«التِّرَةُ»: بكسر التاء المثناة من فوق، وَهِيَ: النقص، وقِيلَ: التَّبعَةُ.
في هذا الحديث: كراهة الغفلة واستحباب الذكر في كل حالة. وفي رواية أحمد والنسائي: وما مشى أحدكم ممشى لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة.
قال الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 190، 191]. وقال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]